Wellbeing

Business Solutions

Wednesday, November 5, 2025

في إحدى مقابلات البحث الميداني حول واقع الصحة النفسية الرقمية في المملكة، وُجّه سؤال بسيط إلى أحد الأخصائيين:

"ما هو الدافع الذي يجعلك تداوم كل يوم؟"
جاء الجواب صادقًا ومعبّرًا:
"الإحساس بالفخر عندما أرى المراجع يعود إلى حياته الطبيعية."

ورغم بساطة الإجابة، إلا أنها تفتح بابًا عميقًا للسؤال: كيف نعرف أن المراجع عاد فعلاً إلى حياته الطبيعية؟
الإجابة لا تأتي فقط من الطبيب أو التطبيق، بل من منظومة متكاملة تربط بين البيانات، الخدمات، والمعايير.

من خلال تحليل بيانات البحث، تبيّنت مجموعة من الملاحظات الجوهرية:
🔸 الحاجة إلى إطار وطني ينسّق جهود الصحة النفسية الرقمية ويوحد المعايير.
🔸 تعدد التطبيقات مؤشر على الحراك والابتكار، لكنه يفتقر إلى الاعتماد السريري الموثوق.
🔸 الكوادر الصحية بحاجة إلى تأهيل رقمي يواكب التطور السريع في الخدمات.
🔸 المستخدمون ما زالوا يبدون قلقًا تجاه الخصوصية والتكلفة وسهولة الاستخدام.
🔸 الوعي العام والوصمة الاجتماعية لا يزالان يشكلان حاجزًا أمام الإقبال على الدعم النفسي.

عند مقارنة التجربة المحلية بنماذج عالمية, مثل أستراليا, برزت عوامل نجاح رئيسية يمكن الاستفادة منها في بناء المنظومة السعودية:
🔹 تصميم الخدمات حول المستفيد وإشراكه في جميع مراحل التطوير.
🔹 بناء الثقة من خلال خدمات معتمدة على الأدلة وشفافة في أهدافها ونتائجها.
🔹 عدالة الوصول بحيث تشمل الفئات الأقل حظًا جغرافيًا أو اقتصاديًا.
🔹 حوكمة متخصصة للصحة النفسية الرقمية تضمن الجودة وتحمي حقوق المستخدمين والمهنيين على حد سواء.

إن تعدد التطبيقات والمبادرات يُعد خطوة إيجابية، لكنه ليس كافيًا لبناء منظومة مستدامة. التحول الحقيقي يبدأ عندما تنتقل الصحة النفسية الرقمية من مبادرات متفرقة إلى بنية وطنية ناضجة، مترابطة، وآمنة, منظومة تضع الإنسان في المركز، وتستثمر في التقنية كوسيلة لتعزيز جودة الحياة.

المرحلة القادمة تتطلب وضوحًا في الأولويات: هل نبدأ من الحوكمة والتنظيم؟ أم من التأهيل والتمكين؟ أم من التوعية وكسر الوصمة؟
الجواب قد يختلف، لكن الاتجاه واحد, نحو مستقبل تكون فيه الصحة النفسية الرقمية أحد الأعمدة الرئيسة في منظومة الرعاية الشاملة للمملكة.